مدخل لدراسة الحديث
تلخيص لمحاضرة الأستاذ ذ العمراني في مادة مصطلح الحديث و الأستاذ ذ الكريسي في مادة مدخل لدراسة الحديث
نبدة مختصرة عن تدوين السنة :عن عبد الله بن عباس ، عن عمر ، قال : كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ينزل يوما وأنزل يوما ، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره ، وإذا نزل فعل مثل ذلك ... متفق عليه وقال الامام أحمد : حدثنا معاوية بن هشام ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قال : " ما كل الحديث سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحدثنا أصحابنا عنه ، كانت تشغلنا عنه رعية الإبل " المسند .في الحديثين دليل على ان ما رواه الصحابة رضي الله عنهم عن النبي عليه الصلاة و السلام منه ما تلقوه عنه مباشرة ومنه ما حدَّث به بعضهم بعضا . وقد شجعهم النبي عليه الصلاة و السلام على رواية الحديث بقوله فيما رواه ابن حبان عن عبد الله بن مسعود قال : ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه كما سمعه ، فرب مبلَّغٍ أوعى من سامع " ، وكذلك في قوله لوفد عبد قيس " احفظوهن وأخبروا بهن من وراءكم " رواه البخاري ومسلم .اختلاف أقوال العلماء في حكم تقييد السنة و تدوينها :
بعض ما ورد في النهي عن تدوين السنة :1- عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تكتبوا عني ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ، وحدثوا عني ، ولا حرج ، ومن كذب علي - قال همام : أحسبه قال - متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " رواه مسل 2- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ , أَنْ يَأْذَنَ لِي أَنْ أَكْتُبَ الْحَدِيثَ , فَلَمْ يَأْذَنْ لِي . الخطيب " تقييد العلم ".3- عن أبي هريرة ، قال : خرج علينا رسول الله , صلى الله عليه , ونحن نكتب الأحاديث , فقال : " ما هذا الذي تكتبون ؟ " , قلنا : أحاديث سمعناها منك . قال : " أكتابا غير كتاب الله تريدون ؟ ما أضل الأمم من قبلكم إلا ما اكتتبوا من الكتب مع كتاب الله " . قال أبو هريرة فقلت : أنتحدث عنك يا رسول الله ؟ قال : " نعم , تحدثوا عني ولا حرج فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " الخطيب " تقييد العلم " .4- : دخل زيد بن ثابت ، على معاوية ، فسأله عن حديث فأمر إنسانا يكتبه ، فقال له زيد : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن لا نكتب شيئا من حديثه " فمحاه رواه ابو داود بإسناد ضعيف .5- عن عروة ، أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن ، فاستشار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، فأشاروا عليه أن يكتبها ، فطفق يستخير الله فيها شهرا ، ثم أصبح يوما وقد عزم الله له ، فقال : " إني كنت أريد أن أكتب السنن ، وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا ، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله ، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا " جامع معمر بن راشد - باب كتاب العلم . ما ورد في الإذن بالكتابة :1- أبو داود قال حدثنا مسدد ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، قالا : حدثنا يحيى ، عن عبيد الله بن الأخنس ، عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث ، عن يوسف بن ماهك ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه ، فنهتني قريش وقالوا : أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب ، والرضا ، فأمسكت عن الكتاب ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأومأ بأصبعه إلى فيه ، فقال : " اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق " حديث صحيح .2- عن أبي هريرة قال : لم يكن أحد من أصحاب النبي , صلى الله عليه , أكثر حديثا مني إلا عبد الله بن عمرو فإنه كتب ولم أكتب . الخطيب في تقييد العلم .3- لما خطب النبي عليه الصلاة والسلام في فتح مكة وسأله أبو شاه الكتابة فقال عليه الصلاة والسلام : " اكتبوا لأبي شاه "4- عن أبي هريرة ، أن رجلا ، قال : يا رسول الله إني لا أحفظ شيئا , قال : " استعن بيمينك على حفظك " , يعني الكتاب . رواه الخطيب في تقييد العلم وهو ضعيف .5- " قيدوا العلم بالكتاب "حسنه الألباني في الصحيحة6- في كتابته للملوك دليل على جواز الكتابة .7- كذلك ما جاء ي ارادته الكتابة آخر عمره عليه الصلاة والسلام .جمع العلماء بين هذه الروايات التي ظاهرها التعارض : فمن قائل إن نهيه عليه الصلاة والسلام عن كتابة الحديث خشية أن يختلط بكلام الله عز وجل .ومن قائل : خشي النبي عليه الصلاة و السلام ان يشتغل المسلمون الجدد بالحديث عن القرآن يقول الرامهرمزي تعليقا على حديث ابي سعيد الخدري: «حَرَصْنَا أَنْ يَأْذَنَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكِتَابِ فَأَبَى» ، أَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ مَحْفُوظًا فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ وَحِينَ كَانَ لَا يُؤْمَنُ الِاشْتِغَالُ بِهِ عَنِ الْقُرْآنِ اهـ من المحدث الفاصل بين الراوي و الواعي . وقال الخطيب البغدادي : فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ كَرَاهَةَ مَنْ كَرِهَ الْكِتَابَ مِنَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ إِنَّمَا هِيَ لِئَلَّا يُضَاهَى بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُهُ , أَوْ يُشْتَغَلَ عَنِ الْقُرْآنِ بِسِوَاهُ . و يقول ابن قتيبة : " ان النهي عن الكتابة كان في أول الأمر ثم نسخ " . يقول ابن الصلاح "ثُمَّ إِنَّهُ زَالَ ذَلِكَ الْخِلَافُ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَسْوِيغِ ذَلِكَ وَإِبَاحَتِهِ، وَلَوْلَا تَدْوِينُهُ فِي الْكُتُبِ لَدُرِسَ فِي الْأَعْصُرِ الْآخِرَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ."وبعد وفاة النبي عليه الصلاة و السلام ومجيئ عصر الصحابة والتابعين انقسموا بين كاره للكتابة و مرغب فيها .وحين انتهى الصحابة من جمع المصحف زال عندهم الحرج من من كتابة الحديث بل تبث ان من من لم يكن يدون تأسف على ما فاته من عدم التدويين و قد بدأت بعض الصحف في الظهور في عهد الصحابة ومن الصحف التي دونت حينئذٍ صحيفة علي رضي الله عنه و صحيفة ععبد الله بن عمرو .....و لما جاء عصر عمر بن عبد العزيز كَتَبَ عامله عل المدينة إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ يَأْمُرُهُ: «انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ , أَوْ سُنَّةٍ مَاضِيَةٍ أَوْ حَدِيثُ عُمْرَةٍ فَاكْتُبْهُ فَإِنِّي قَدْ خِفْتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَ أَهْلِهِ» ..وكتب التابعون مجموعة من الصحف منها ...صحيفة و هشام بن عروة وبعد ذلك اتسعت المصنفات وظهرت صحيفة معمر بن راشد و صحيفة في الفرائض لسفيان الثوري و مسند عبد الرزاق ...ذكر الاستاذ بعض المقاييس التي تحكم هذا العلم :هل ثم نقل الحديث باللفظ ام بالمعنى ؟ دراسة لحديث الأعرابي الذي بال في المسجد :1 – صحيح البخاري : عن أنس بن مالك : أن أعرابيا بال في المسجد ، فقاموا إليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزرموه " ثم دعا بدلو من ماء فصب عليه 2- صحيح البخاري : عن أن أبي هريرة: أن أعرابيا بال في المسجد ، فثار إليه الناس ليقعوا به ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعوه ، وأهريقوا على بوله ذنوبا من ماء ، أو سجلا من ماء ، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين "3- صحيح مسلم : عن أنس ، أن أعرابيا بال في المسجد ، فقام إليه بعض القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعوه ولا تزرموه " قال : فلما فرغ دعا بدلو من ماء فصبه عليه .4- صحيح مسلم : عن أنس بن مالك قال : بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مه مه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزرموه دعوه " فتركوه حتى بال ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له : " إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ، ولا القذر إنما هي لذكر الله عز وجل ، والصلاة وقراءة القرآن " أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه .5- أبو داود :عن أبي هريرة ، أن أعرابيا دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فصلى قال ابن عبدة : ركعتين ، ثم قال : اللهم ارحمني ومحمدا ، ولا ترحم معنا أحدا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد تحجرت واسعا " . ثم لم يلبث أن بال في ناحية المسجد فأسرع الناس إليه ، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال : " إنما بعثتم ميسرين ، ولم تبعثوا معسرين ، صبوا عليه سجلا من ماء " أو قال : " ذنوبا من ماء "6- الترمذي : ، عن أبي هريرة ، قال : دخل أعرابي المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم جالس ، فصلى ، فلما فرغ ، قال : اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا ، فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " " لقد تحجرت واسعا " " ، فلم يلبث أن بال في المسجد ، فأسرع إليه الناس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " " أهريقوا عليه سجلا من ماء - أو دلوا من ماء - " " ، ثم قال : " " إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين "7- النسائي : عن أنس أن أعرابيا بال في المسجد ، فقام عليه بعض القوم فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعوه لا تزرموه " . فلما فرغ دعا بدلو فصبه عليه قال : أبو عبد الرحمن : يعني : لا تقطعوا عليه .8-ابن ماجة : عن أنس ، أن أعرابيا بال في المسجد ، فوثب إليه بعض القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزرموه ، ثم دعا بدلو من ماء ، فصب عليه " اذا تمعنى في هذه الروايات ظهر لنا بما لا يقبل الشك ان الرواة نقلوا الحديث بالمعنى لا باللفظ .وهذا لا يتعارض مع كون بعض الصحابة كانوا لا يرون الرواية إلا باللفظ النبوي . كابن عمر رضي الله عنه فقدجاء عند ابن حبان : عن عبيد بن عمير ، أنه كان يقص بمكة وعنده عبد الله بن عمر وعبد الله بن صفوان وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . قال عبيد بن عمير : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " مثل المنافق كمثل الشاة بين الغنمين ، إن مالت إلى هذا الجانب نطحت ، وإن مالت إلى هذا الجانب نطحت " . قال ابن عمر : ليس هكذا . فغضب عبيد بن عمير وقال : ترد علي ؟ قال : إني لم أرد عليك ، إلا أني شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : فقال : عبد الله بن صفوان : فكيف قال يا أبا عبد الرحمن ؟ قال : " بين الربيضين " ، قال : يا أبا عبد الرحمن ، بين الربيضين ، وبين الغنمين سواء ، قال : كذا سمعت ، كذا سمعت ، كذا سمعت . وكان ابن عمر إذا سمع شيئا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعده ، ولم يقصر دونه اهـ .وروى البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : عن البراء بن عازب ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا أتيت مضجعك ، فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ، ثم قل : اللهم أسلمت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت ، فإن مت من ليلتك ، فأنت على الفطرة ، واجعلهن آخر ما تتكلم به " . قال : فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما بلغت : اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ، قلت : ورسولك ، قال : " لا ، ونبيك الذي أرسلت "الاعمش : «كَانَ هَذَا الْعِلْمُ عِنْدَ أَقْوَامٍ كَانَ أَحَدُهُمْ لَأَنْ يَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزِيدَ فِيهِ وَاوًا أَوْ أَلِفًا أَوْ دَالًا , وَإِنَّ أَحَدَهُمُ الْيَوْمَ يَحْلِفُ عَلَى السَّمَكَةِ أَنَّهَا سَمِينَةٌ وَإِنَّهَا لَمَهْزُولَةٌ»و كذلك استدل المتشددون بالنقل باللفظ بالحديث الذي رواه البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا أتيت مضجعك ، فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ، ثم قل : اللهم أسلمت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت ، فإن مت من ليلتك ، فأنت على الفطرة ، واجعلهن آخر ما تتكلم به " . قال : فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما بلغت : اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ، قلت : ورسولك ، قال : " لا ، ونبيك الذي أرسلت "
و جمهور العلماء على جواز رواية الحديث بالمعنى لكن بشروط .قال السرخسي في أصوله :الْخَبَر إِمَّا أَن يكون محكما لَهُ معنى وَاحِد مَعْلُوم بِظَاهِر الْمَتْن أَو يكون ظَاهرا مَعْلُوم الْمَعْنى بِظَاهِرِهِ على احْتِمَال شَيْء آخر كالعام الَّذِي يحْتَمل الْخُصُوص والحقيقة الَّتِي تحْتَمل الْمجَاز أَو يكون مُشكلا أَو يكون مُشْتَركا يعرف المُرَاد بالتأويل أَو يكون مُجملا لَا يعرف المُرَاد بِهِ إِلَّا بِبَيَان أَو يكون متشابها أَو يكون من جَوَامِع الْكَلمفَأَما الْمُحكم يجوز نَقله بِالْمَعْنَى لكل من كَانَ عَالما بِوُجُوه اللُّغَة لِأَن المُرَاد بِهِ مَعْلُوم حَقِيقَة وَإِذا كَسَاه الْعَالم باللغة عبارَة أُخْرَى لَا يتَمَكَّن فِيهِ تُهْمَة الزِّيَادَة وَالنُّقْصَانفَأَما الظَّاهِر فَلَا يجوز نَقله بِالْمَعْنَى إِلَّا لمن جمع إِلَى الْعلم باللغة الْعلم بِفقه الشَّرِيعَة لِأَنَّهُ إِذا لم يكن عَالما بذلك لم يُؤمن إِذا كَسَاه عبارَة أُخْرَى أَن لَا تكون تِلْكَ الْعبارَة فِي احْتِمَال الْخُصُوص وَالْمجَاز مثل الْعبارَة الأولى وَإِن كَانَ ذَلِك هُوَ المُرَاد بِهِ وَلَعَلَّ الْعبارَة الَّتِي يروي بهَا تكون أَعم من تِلْكَ الْعبارَة لجهله بِالْفرقِ بَين الْخَاص وَالْعَام فَإِذا كَانَ عَالما بِفقه الشَّرِيعَة يَقع الْأَمْن عَن هَذَا التَّقْصِير مِنْهُ عِنْد تَغْيِير الْعبارَة فَيجوز لَهُ النَّقْل بِالْمَعْنَى كَمَا كَانَ يَفْعَله الْحسن وَالنَّخَعِيّ وَالشعْبِيّ رَحِمهم الله ، فَأَما الْمُشكل والمشترك لَا يجوز فيهمَا النَّقْل بِالْمَعْنَى أصلا لِأَن المُرَاد بهما لَا يعرف إِلَّا بالتأويل والتأويل يكون بِنَوْع من الرَّأْي كالقياس فَلَا يكون حجَّة على غَيرهوَأما الْمُجْمل فَلَا يتَصَوَّر فِيهِ النَّقْل بِالْمَعْنَى لِأَنَّهُ لَا يُوقف على الْمَعْنى فِيهِ إِلَّا بِدَلِيل آخر والمتشابه كَذَلِك لأَنا ابتلينا بالكف عَن طلب الْمَعْنى فِيهِ فَكيف يتَصَوَّر نَقله بِالْمَعْنَىوَأما مَا يكون من جَوَامِع الْكَلم كَقَوْلِه عَلَيْهِ السَّلَام الْخراج بِالضَّمَانِ وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام العجماء جَبَّار وَمَا أشبه ذَلِك فقد جوز بعض مَشَايِخنَا نَقله بِالْمَعْنَى على الشَّرْط الَّذِي ذكرنَا فِي الظَّاهِرقَالَ رَضِي الله عَنهُ وَالأَصَح عِنْدِي أَنه لَا يجوز ذَلِك لِأَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ مَخْصُوصًا بِهَذَا النّظم على مَا رُوِيَ أَنه قَالَ أُوتيت جَوَامِع الْكَلم أَي خصصت بذلك فَلَا يقدر أحد بعده على مَا كَانَ هُوَ مَخْصُوصًا بِهِ وَلَكِن كل مُكَلّف بِمَا فِي وَسعه وَفِي وَسعه نقل ذَلِك اللَّفْظ ليَكُون مُؤديا إِلَى غَيره مَا سَمعه مِنْهُ بِيَقِين وَإِذا نَقله إِلَى عِبَارَته لم يُؤمن الْقُصُور فِي الْمَعْنى الْمَطْلُوب بِهِ ويتيقن بالقصور فِي النّظم الَّذِي هُوَ من جَوَامِع الْكَلم وَكَانَ هَذَا النَّوْع هُوَ مُرَاد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله ثمَّ أَدَّاهَا كَمَا سَمعهَا
وخلاصة القول ما جاء عن الشافعي في الرسالة قال : فإذ كان الله لِرَأْفته بخلْقِه أنزل كتابَه على سبْعة أحْرف، معرفةً منه بأنَّ الحفْظَ قدْ يَزِلُّ، لِيُحِلَّ لهم قراءته وإنْ اختلف اللفظُ فيه، ما لم يكن في اختلافهم إحالةُ معنى: كان ما سِوَى كتابِ الله أوْلَى أنْ يجوز فيه اختلاف اللفظ ما لم يُحِلْ معْناه.وكل ما لم يكن فيه حُكْمٌ، فاختلاف اللفظ فيه لا يحيل معناه.وقد قال بعضُ التابعين: لَقِيتُ أُناساً مِن أصحاب رسول الله، فاجتمعوا في المعنى واختلفوا عليَّ في اللفظ، فقلْتُ لبعضهم ذلك، فقالَ: لا بأس ما لمْ يُحِيل المعنى.و قال الآمدي في أصول الأحكام : ينبغي ان نعلم أَنَّ اللَّفْظَ غَيْرَ مَقْصُودٍ لِذَاتِهِ وَنَفْسِهِ، ... بَلِ الْمَقْصُودُ إِنَّمَا هُوَ الْمَعْنَى، وَمَعَ حُصُولِ الْمَعْنَى، فَلَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ.و بالله التوفيق .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire